Bild von Ralphs_Fotos auf Pixabay

ازدواجية المعايير في انتقاء اللاجئين

هذا ما ظهرَ عبر فيديوهات بعض وسائل الإعلام الغربيّة والتي لاقت انتشارًا واسعًا ورفضًا؛ نتيجة التّصريحات العنصريّة من قبل مذيعي الأخبار والمراسلين الأجانب في وسائل الإعلام الدولية مثل CBS و ITV، على سبيل المثال:

في الفترة التي سبقت العمليّة العسكريّة الرّوسيّة على أوكرانيا وأثناء ساعاتها الأولى؛ كانت كلّ الأنظار متوجّهة إلى هناك لإحاكةِ القصص التي تثير الرّأي العام وتعاطف المجتمع الدّوليّ.


بدأَ بعض المراقبين بالقول إنّه على الرّغم من كونه ضروريًا ومستحقًا تمامًا، فإنّ هذا الاستثمار العالمي في القضيّة الأوكرانية من قبل المجتمع الدّولي ومن خلال وسائل الإعلام ، كان مختلفًا إلى حدّ ما عن ذلك الذي تم تخصيصه تاريخيًا للصّراعات الأخرى حول العالم. حيث ألمحَ بعض هؤلاء المراقبين علنًا إلى أنّ بعض ضحايا الحرب بالنسبة للغرب قد يُعتبرون أكثر قيمة من الآخرين.


هذا ما ظهرَ عبر فيديوهات بعض وسائل الإعلام الغربيّة والتي لاقت انتشارًا واسعًا ورفضًا؛ نتيجة التّصريحات العنصريّة من قبل مذيعي الأخبار والمراسلين الأجانب في وسائل الإعلام الدولية مثل CBS و ITV، على سبيل المثال: قال “تشارلي داجاتا” المراسل الأجنبي لشبكة “سي بي إس” والذي قدم تقريرًا من الشرق الأوسط وأماكن أخرى حول العالم على الهواء أنّ عاصمة أوكرانيا على عكس المدن في العراق أو أفغانستان؛ “مدينة أوروبيّة نسبيًا متحضرة نسبيًا”.
وهذا مايجعلنا نقفُ عند نظرتهم إلى أنّ الشّرق الأوسط ليسَ متحضّرًا وبأنّ انتقاء كلماتهم المعيّنة لم تكن عبثًا بل كانت تلميحًا واضحًا لما يفكرون به حولنا وما يعتقدونه.
أمّا بالنسبة إلى “لوسي واتسون” مراسلة أخبار ITV؛ بدا أنّ أسوأ جزء في المأساة التي تتكشف في أوكرانيا هو أن “هذه ليست دولة من دول العالم الثالث النامية – إنها أوروبا” والتي صرحت بها في حالة عدم تصديق عاطفي أثناء تقديم تقارير عن اللاجئين الأوكرانيين الواصلين إلى محطة القطار في بولندا. نحن نعلم بأنّ المراسلين يساهمون في تشكيل رؤية المنطقة للأشخاص البعيدين، بالتّالي يتحمّلون مسؤوليّة الابتعاد عن الصّور النّمطية والاقتراب أكثر من الحقيقة وهذا ما لم نجده من قبلهم.


وبالتّدقيق جيّدًا للاستنتاجات جميعها نصلُ إلى نتيجةٍ مفادها أنّ الضّحايا في أوكرانيا يستحقون المزيد من التّعاطف لأن النّاس هناك ليسوا معتادين على الحروب والأزمات، على عكس الذين يعيشون في الشرق الأوسط، وأظنّ أنّ هذا كل ما يعرفونه على أيّة حال، فالصّحافة في أيّ بلدٍ تهدفُ إلى إثارةِ مشاعر معيّنةٍ لأهدافٍ محدّدة رأيناها في الحرب على سورية، وكأنّ الحروب خُلقت للمناطقِ الفقيرة والشّعوب العربيّة.
بالمزامنة مع وصول عدد كبير من لاجئي أوكرانيا إلى دول أخرى كان حريّاً بنا الوقوف لحظة عند تجارب البلدان الأخرى، والتي بات من المهمّ التعلّم منها، فلا غنى عنه في هذه الأوقات الحرجة نوعاً ما، وخاصة الحرب على سورية، فهي واحدة من أكثر الصراعات توثيقًا في التّاريخ، والتي أدت إلى نزوح عددٍ كبيرٍ من الشّعب السوريّ إلى دول الجوار والغرب، وعلى مايبدو أنّ حياة المدنيين الأبرياء بات من السّهل الاستيلاء عليها من الرّفّ، بغرض المقارنات، فمثلًا مقارنة كل شخص لا نحبّه “بهتلر”.


هذا ما حصل بالفعل في بعض الدّول التي استقبلت اللاجئين، فقد كان هناك إجماع أوروبي للتّرحيبِ بهم، وتسهيل الإجراءات لهم بالحصول على تصاريح إقامة مؤقتة، وإمكانيّة الحصول على وظائف ورعاية صحية وخدمات اجتماعية.
حكومة بولندا مثلًا، التي رحبت بالفارين من الحرب في أوكرانيا. كانت قد تعرضت قبل أشهر قليلة مضت لانتقادات دولية حادة لصدها موجة طالبي اللجوء من بيلاروسيا، والذين ينحدر أغلبهم من الشّرق الأوسط وإفريقيا.
بالعودة إلى أغسطس/ آب 2021 أي -قبل أشهر فقط من الحرب الروسية الأوكرانية- ناقش الاتحاد الأوروبي أهمية الحرص على تجنب تدفق المهاجرين الأفغان “بشكل غير مضبوط” بعد سقوط كابول في يد طالبان وبسط سيطرتها على البلاد.
كانت تصريحات المسؤولين الأوروبيين، تصب في اتجاه مساعدة الدول المجاورة لها على استضافة اللاجئين الفارين من طالبان عوض استقبالهم. فدعم الدول المجاورة لأفغانستان من أجل استضافة لاجئين فارين من طالبان، سيجنب أوروبا تدفق المهاجرين، كما عبرت الدول الأعضاء عن قلقها من خطر الإرهاب، وتعهدت بـ”بذل جهدها لضمان ألا يؤدي الوضع في أفغانستان إلى مخاطر أمنية جديدة على مواطني الاتحاد الأوروبي”. كما كان هناك تشديد على وجوب “تنفيذ عمليات البحث الأمني في الوقت المناسب حول من تم إجلاؤهم من أفغانستان”.


وهذا يوضّح مليًا كيفيّة نظرتهم إلى كلّ من هو غير أوروبي، فالأمر بات عنصريًا بحتًا ورغم أنّ المجتمع الدّوليّ في عام 1965، اعتمدَ الاتفاقية الدّولية للقضاء على جميع أشكال التّمييز العنصري، والتي التزم بموجبها بالقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري. ورغم أنّ تصديق الاتفاقية يكاد يكتمل الآن، ما يزال كثيرون في جميع أرجاء العالم يعانون مظالم العنصرية وما تتبعهُ من وصْم.


و “يقصد بتعبير “التمييز العنصري” أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة.”


في خضمّ التغطية الإعلاميّة للأزمةِ الإنسانيّة والتقارير العنصرية ضد العرب، وردت تقارير عن تعرّض أشخاص من جنسيات مختلفة -أي من غير الأوكرانيّين- إلى التّمييز على الحدود، حيث انتشرت مقاطع كثيرة لهنود وأفارقة وعرب وغيرهم يقولون أنّهم مُنعُوا من العبور وقيل لهم: “الأولويّة للأوكرانيّين”، إضافةً إلى المعاملة السّيّئة التي تعرّضوا لها.
جملٌ كثيرة تكرّرت من ضيوف وصحفيّين بلغات عديدة، ومنها بما في معناه: “نحن لا نتحدث هنا عن سوريين أو عراقيين أو غيرهم من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نتحدث عن أوروبيين يشبهوننا”.


وفي ظلّ التّرحيبِ الجماعيّ للاجئين من قبل دول أوروبا، تقدّمت بعض الأحزاب في الدنمارك بطلبات خاصّة حول كيفيّة التّعامل معهم واستقبالهم، حيث طالبوا بعدم تطبيق القانون الذي يسمح بمصادرة المجوهرات والأشياء الثمينة التي تزيد قيمتها عن 10000 كرونة دنماركية من طالبي اللجوء في الدنمارك.


حيث أكد المتحدث باسم الشؤون الخارجية للحزب الليبرالي وهو واحد من أكبر أحزاب فيها، على أنّ الأوكرانيين لا ينبغي أن يشملهم هذا القانون. فوضع اللاجئين الأوكرانيين يختلف عن السّوريين على سبيل المثال والمبرر لذلك أن الدنمارك هي المنطقة المباشرة لأوكرانيا. هذا ما يؤكّد النّظرة التمييزيّة العنصريّة تجاه العرب،.


ورغمَ أنّ العنصريّة شيئًا ليسَ بجديد؛ لأنّها حاضرة في كلّ مكان وزمان ولن تصبح من التّاريخ يومًا، وقد لا تأتي بطريقةٍ صريحةٍ وواضحة علنًا، بل هناك طرق دفينةٍ من غير قصد، ولن يتغيرَ اسمها بل ستبقى عنصريّة ولو مرّت عليها أجيال وحتّى إن تعرّضت لكافّة وسائل التّطور، ها نحن في عام 2022 نعتبرُ أنّ التهجيرَ والموت والقتل والحروب والخراب أمرٌ “طبيعيٌّ” لأناسٍ وغير عاديّ لآخرين.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد