الاغتراب الثقافي لدى الشباب العربي في المهجر

لاغتراب الثقافي يمثل تحدًّا كبيرًا للشباب العربي في المهجر، إذ يجدون أنفسهم في بيئات جديدة ذات ثقافات وعادات مختلفة عن تلك التي نشأوا وترعرعوا فيها. يعيش الشباب العربي المهاجر تجربة الاندماج في مجتمعات جديدة مع المحاولات للحفاظ على هويتهم الثقافية الأصلية.


دعونا نتفق أولا على معنى مصطلح الإغتراب بشكل عام، فالاغتراب هو شعور الأنسان الدائم بالأنفصال عن بيئته وواقعه ،والشعور بنوع من العزلة والتقوقع على الذاتية الفردية.
حيث نجد في عصرنا الحديث بالرغم من جميع الإنجازات التي حققها الإنسان في ميدان المعرفة والإبداع ،شعور الإنسان الدائم بالإغتراب والأنسلاخ عن المحيط .
فتعالوا لنرى ماهي الأسباب التي أدت بهذا الشعور المأساوي للإنسان بحيث أصبح كتلة من الألم ،حيث تحول في زمن الرأسمالية الليبيرالية إلى سلعة رخيصة لاقيمة لها ولامعنى.

لماذا يشعر الإنسان بالإغتراب؟


يقول كارل ماركس : أن الإغتراب صفة عامة وملازمة للمجتمعات الرأسمالية التي حولت العامل إلى كائن عاجز وسلعة بعد أن اكتسبت منتجاته قوه مستقلة عنة وأحيانا معادية له،وقال أن العامل في ظل المجتمع الرأسمالي تحول إلى سلعة رخيصة جدا وبقدر ماتصبح للسلع قيمة، فإنه يزداد تدني في قيمته.!
و إلى جانب الاغتراب الإقتصادي، فهناك إغتراب إجتماعي الذي كان سببه التفسخ والإنحلال الأخلاقي، وتفكك الروابط المجتمعية الذي أدى بدوره لحالات كثيرة من الإنتحار، كان قد نوه عنه عالم الإجتماع الفرنسي ( إميل دوركهايم).!

الاغتراب الثقافي

الاغتراب الثقافي يمثل تحدًّا كبيرًا للشباب العربي في المهجر، إذ يجدون أنفسهم في بيئات جديدة ذات ثقافات وعادات مختلفة عن تلك التي نشأوا وترعرعوا فيها. يعيش الشباب العربي المهاجر تجربة الاندماج في مجتمعات جديدة مع المحاولات للحفاظ على هويتهم الثقافية الأصلية.

هذه التجربة تتسم بتحديات عدة، فالشباب قد يواجهون صعوبات في فهم اللغة، التأقلم مع أساليب الحياة الجديدة، وفهم القيم والعادات المختلفة. يمكن أن يكون الإغتراب الثقافي مؤثرًا على الهوية الشخصية، وقد يؤدي إلى صراع داخلي بين الحفاظ على الهوية الثقافية الأصلية والتكيف مع الثقافة الجديدة.
لكن الواقع بكل تناقضاته وصراعاته، قد أفقده الإحساس بالإستمرارية ،والتقدير الإيجابي للذات ،والإغتراب النفسي الذي تتعرض فيه وحدة الشخصية إلى الإنشطار والضعف


وبسبب حالة عدم الإنسجام مع المجتمع، وغياب حالة التماسك والروابط المجتمعية،وعدم التكيف معه.!
وبهذا فإن العجز المصاحب للإغتراب ؛معناه أن الإنسان لايستطيع أن يقرر مصيره بنفسه،ولايستطيع أن يؤثر في مجرى الأحداث،أوصنع القراراات المصيرية الحياتية،وبالتالي يعجز عن تحقيق ذاته ،ويشعر بحالة من الإستسلام والخنوع!
مما جعله أنسان مغترب في وطنه ،وحتى ضمن عائلته، حيث تحول إلى إنسان يركز على فرديته ،وهذا حول المجتمع إلى أفراد منعزلين مغتربين، و يشير إلى الشعور بالانفصال أو الاغتراب عن الثقافة التقليدية أو الهوية الثقافية التي ينتمي إليها الفرد، عادةً بسبب تأثير ثقافة أخرى أو تغيّرات اجتماعية أو تكنولوجية. يمكن أن يحدث الإغتراب الثقافي نتيجة للهجرة، التعليم في بيئة ثقافية مختلفة، العولمة، أو تغيرات سريعة في القيم والعادات واللغة.

هذا الشعور يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالفقدان أو الارتباك لدى الفرد، حيث يجد صعوبة في التأقلم مع الثقافة الجديدة أو الاحتفاظ بالهوية الثقافية الأصلية. يمكن أن يؤثر الإغتراب الثقافي على الهوية الشخصية والانتماء الاجتماعي والتواصل مع المجتمع المحيط.

للتغلب على الإغتراب الثقافي، يُنصح بالتفاعل مع الثقافة الجديدة بفضول واحترام، والحفاظ على جوانب الهوية الثقافية الأصلية مثل اللغة والعادات، والتواصل مع مجتمع الانتماء بصورة منتظمة

مع ذلك، يمكن أن يكون الاغتراب الثقافي فرصة للشباب العربي في المهجر لتوسيع آفاقهم وتعلم الثقافات المختلفة، مما يمكنهم من الإثراء الشخصي والمهني. ويمكن للشباب استغلال هذه التجربة لبناء جسور بين الثقافات والتواصل مع مجتمعات مختلفة، مما يسهم في التعايش السلمي والفهم المتبادل بين الثقافات.

سنا سعيد مرشدة إجتماعية ومدربة تنميه وتطوير

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد