هَلوسات شَاعِر مَحجُورٌ عليه

أعترفُ لكِ يا سَيِّدتي
وأنا بِكامل جُنوني وهَذياني بك ِ
أن أناملي التي كانت تعزِفُ على أوتارِ شَعركِ السّرابي

أعترفُ لكِ يا سَيِّدتي 

وأنا بِكامل جُنوني وهَذياني بك ِ

أن أناملي التي كانت تعزِفُ على أوتارِ شَعركِ السّرابي 

مازالت تعزِفُ حتى اليوم…رُغم الأميال التي بيننا

لم تُغادر ذاك الزمان …ولم يُغادرها

لم تُغادر ضفائر شَعْركِ بل ضاعَت بها 

وأضاعت معها الأوزان والقوافي

تتكسرُ فوق سطوري حين أكتبُ عنك ِ …كل القوافي

لا احتِمالَ لها بِك ِ 

أُلامِسُ الغَائِبَ منكِ …وأرمي شِفاهي حيثُ تكونين بكل اتجاه

وأسْتَذكِرُ ما فاتني مِن تَفاصيلكِ .. تقاطيعَ وجهكِ 

ترانيمَ صوتكِ

وما أظهرتُ لكِ مِن حماقتي …ومِن حُروفي المُفخخةِ 

أُحاوِلُ الكتابة لكِ اليومَ مِن حَجريَّ المنزلي

ما كنتُ يوماً منكِ حُراً …ولنْ أكون 

لم يتغير شيء عليَّ …فُرشاة أسناني بِمكانها 

ساعةُ اليدِ الَّتي أهديتني إيَّاها مازالت على التَّوقيتِ ذاته

لم أتحايل على عقاربها ولا على ثّوانيها 

كما تحايلتُ عليكِ يوماً.

ملابِسي مازالت على الأريكةِ بأكياسها تنتظرُني

 مُنذُ اقتنيناها مَعاً 

قَصائدي تكادُ تُساوي كِتابٍ أو كتابين

لكنها غير قابلة للنشر

وممنوعة إلا عليك ِ

مازلتُ كما أنا …لم يُغيرني الحجرُ كثيراً

مُحاطاً بِعشرات السيمفونيات التي تُعيدني أليكِ ولا تُرجعني

نَوباتُ الذَّاكرة مازالت مُنتظمة لم تُفارقني 

وهذا الهذيانُ مِن إحدى نَوباتي بك ِ

الحجرُ المنزليُّ الًّذي يملأُ الكون

 ما هو إلا حياتي الطبيعية

التي تُمارسني رُغماً عني مُنذُ أعوام 

وصار بإمكاني اليومَ العُدول عنها 

والنُّزول إلى الشَّوارعِ البرلينيَّة الفارغة مِن كلِ الشُّعراءِ

الخالية من كلِّ الرِّجال ..وكلِّ الباحثين عنِّي وعنكِ

الشوارع البرلينيَّة المفتوحة للمجَانين أمثالي

وللمُتسوِّلين أمثالي 

وللحَمقى أمثالي أيْضاً 

مُمزَّقةٌ أناملي …مُشتتةٌ أوراقي …وأقلامي مُكسرة 

وطاولتي مَملوءةٌ بِأكوابِ القهوةِ 

الَّتي لا أشرب مِنها بل تشرب مني 

كيف لي أن أكون حُراً قبل الآن 

وأنتِ المرض الذي أصابني مُنذُ خمسة عشر سنة 

لم أحاول يوماً أن أستعيد عافيتي معكِ 

أنا رجُلٌ يُسعِدُني جداً وبائي بِك ِ …

أنا يا سيِّدتي بِحالةِ اعتكافٍ مُنذُ أعوامٍ طويلةٍ

خوفاً من أن ينتقلَ حُبِّي لكِ لرجُلٍ غيري

خوفاً مِن أن يُصابَ أحدُهُم بكِ

فيُقاسِمَني جُنوني

خوفاً من أن يراكِ أحد الشُّعراءِ بينَ شِّفاهيّ كقصيدة 

ويسرقَ أوزانها وقوافيها 

دعيني من كلِّ ما قد ذكرت يا سيِّدتي

فانا واحِدٌ مِنْ مجانينك ِ …لا بل أنا أكثرُهُم جُنونا ً 

لا تقرئيني أمامَ أحد

واسمحي لي أن أذوب بين كفَّيكِ كشمعة ٍ

واسمحي لي أن أكون بين عينيك ِ كدمعة ٍ

لكن لا تسمحي لي أن اكون حراً 

يا امرأة تعتقلني خلف ضفائر شعرها 

وترمي لي المفتاح 

يُخيفني اللُّيلُ جِدَّاً ..فأبقى مُستيقظا ً مُستنفراً 

كي لا تغفُو عيني خِلسة 

أو تقتحمين أحلامي كما كُنت ِ دوماً 

أو أن يَسُوقنِي جسدي لك ِ 

على شكلِ حُلم ٍ

مازلتُ الرَّجل اللَّيلي ككلِّ الحالمين

لا بل مازلتُ الحَالم الأكبر بكِ …والخَاسر الاكبر بكِ 

لا سبَيلَ لي إلى اعتزالكِ

ولا سَبيلَ إلى انهزامي بكِ

أنا المحجور عليهِ ..المُجرد من كل حواسهِ…

المُقيد بالذاكرة 

المحكوم بكِ بالمُؤبد 

أنا الذي يُغلق النوافذَ والستائر في النهار 

لإيماني بِأن لا شَمسَ غيركِ 

وأنا الذي يُخطط لاغتيالِ القمر..والنجوم والسماء

فحاولي أن تقرئيني وحدك ِ 

كي لا يُصدقني أحدٌ غيركِ 

ويتهمني بالحُب 

فأنا قد تخطيتهُ مُنذ زمنٍ طويل…طويل 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد