مجاذبات الخندق الواحد أم تنافر قطبي الطيب– الخشت

لم يبقى أحد لم يعلم بأن جامع الأزهر الشريف قد نظم مؤتمرًا عالميًّا بعنوان (مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في

الفكر الإسلامي) يومي الإثنين والثلاثاء 27-28 يناير الفارط (2020) بسبب مداخلة فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الطيب تعقيبا على كلمة ألقاها عميد جامعة القاهرة د. محمد عثمان الخشت.

أشتهار المؤتمر تحديدا من هذه الزاوية (زاوية المداخلة) وعلى منصات التواصل الاجتماعي تحديدا جلب معه

نقاش جماهيري خصوصا من قبل الفئة الشبابية بين متحزب مع كلمة ورؤية د. الخشت وآخر يقف بشكل صارم مع د. الطيب خصوصا لأنهم يحبون جامع الأزهر الشريف ويذودون عنه بدافع غيرتهم على هذه المؤسس العتيدة.

القضية في حيثياتها

تلقي الضوء على أبعاد مفهوم النقد الجمعي وأدبياته وأدواته واستراتيجياته. المؤتمر ما

تم إطلاقه إلا لأن هناك تردي ثقافي عارم ينخر المباني الثقافية المعرفية العربية والإسلامية. فهل وصلت حالتنا الى مرحلة حرجة تحتاج فيه المؤسسات الصانعة للوعي (الجامعية والثقافية والإعلامية) الى القيام بمراجعات

كبرى؟ على كل حال فهي التي تلام اليوم من قبل فئة أخرى بحجة أنها هي الصانعة للثقافة والمنتجة للمخرجات الثقافية الراهنة.

تعريفا مختزلا بفضيلة الشيخ د. أحمد الطيب (6 يناير 1946)، فهو الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر (الإمام

ال48) منذ 19 مارس 2010. وقد كان الرئيس السابق لجامعة الأزهر، ورئيس مجلس حكماء المسلمين.

وهو أستاذ في العقيدة الإسلامية ويتحدث اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة وترجم عددا من المراجع

الفرنسية إلى اللغة العربية وعمل محاضرا جامعيا لمدة في فرنسا. ولديه مؤلفات عديدة في الفقه والشريعة وفي التصوف الإسلامي. وينتمي الطيب -وهو من محافظة الأقصر في صعيد مصر – إلى أسرة صوفية ويرأس

أخوه محمد الطيب الطريقة الصوفية الخلوتية.

بعد ما عرفنا  خلفيته العلمية المصرية واحتكاكه في فرنسا بالجامعات الأوروبية تعلماً وتدريساً فهو في وجهة

نظري إنسان جرب حريات الرأي النقدي في أعرق المؤسسات الفكرية العربية والأوروبية. 

فعندما وجد الدكتور الطيب أن في مقالة د. محمد الخشت ما هو بحاجة الى توضيح وتفنيد قام بتحديد نقاط

التي يريد أن يصوبها من وجهة نظر فضيلته.

هذا النقد بهذا الأسلوب قد أتى ليؤكد على أهمية فكرة حرية التفكير واستقلالية كل مفكر من هيمنة طوق

الهرميّات، وليؤكد على أنه لا يجب على المستمع تقبل كل ما يسمع لمجرد أن من ألقاها هو عميد جامعة. 

هكذا نقرأ رسالة فضيلة الدكتور الطيب على أنها إعادة التأكيد لما هو مفقود في ثقافتنا من حرية التعبير

الملتزم بحدود الأدب.

بعض التعليقات في منصة التواصل الاجتماعي تحاول أن تلمز الى وجود قطبية متنافرة بين د. الطيب و د. الخشت. 

المحاضرة والمداخلة

استمعت للمحاضرة وللمداخلة أكثر من مرة ولم أستطع أن أتوصل الى وجود اختلاف جوهري بين

الشخصيتين المهمتين. كل ما لمحته هو اختلاف منهجي في كيفية الوصول لذات الغاية. اختلاف مسارات لحصد ذات الثمار.


فكليهما يسعى الى تجديد الفكر الإسلامي من خلال ترميم ذات التراث (رؤية د. الطيب) أو من خلال تشيد

تراث جديد (رؤية د. الخشت). 

نحن بحاجة الى قاعدة تخبرنا بأن علينا التوقف من مسارنا الذهني الحالي !  

أيضا لا يكفينا التوقف عند الرؤية الأولى لتجاذبات هذه المداخلة المشهورة. 

بل لا بد من رؤية رؤيتنا الأولى تقيمياً، لكي ندرك أن قدرة وعينا النقدي الأوليّة بحاجة الى مراجعة. 

علينا ادراك نمط نسق سلوكنا الذهني وهل هذا النسق مفيد؟ 

هل يفيد أن نحول أي حوار بين شخصين الى فرصة لتفريغ مشاعر ايجابية او سلبية مختزنة فينا؟ ومن ثم

نفرغها تحت مسمى الانخراط في جدل علمي للوقوف مع من نحب ضد من لا نحب؟

التغيير الحقيقي يكمن في قدرتنا في إعادة تقييم جذور منطقنا العقلي وغاياتنا الثقافية وقيمنا الأخلاقية.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد